حذر خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، من السكوت على تفشي “فتنة” استغلال جماعات متطرفة للإسلام في نشر إرهابها، ومن استمرار ارتكاب الجرائم اللا إنسانية التي يجري ارتكابها من الجماعات والمنظمات وبعض الدول في المنطقة.
ووصف في كلمته للأمة الإسلامية والمجتمع الدولي، الجمعة (1 أغسطس 2014) عبر القناة الأولى السعودية، إرهاب الدول بأنه الأخطر، في إشارة إلى المجازر الإسرائيلية التي تستهدف المدنيين في قطاع غزة.
واستنكر خادمُ الحرمين تخاذل المجتمع الدولي أمام تلك الجرائم وأمام الجماعات الإرهابية “الخائنة” التي تستبيح القتل والفساد باسم الإسلام، محذرًا من أن هذا الموقف سيؤدي إلى خروج أجيال لا تؤمن إلا بالعنف.
وفي ختام كلمته حذر الملك عبد الله من أن استمرار هذا الوضع سيجعل الإرهاب يطال الجميع، وأولهم من يصمت عليه، قائلا: “اللهم بلغت اللهم فاشهد”.
وجاء في نص الكلمة وفق ما أوردته وكالة “واس”:
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أيها الإخوة الكرام في أمتنا العربية والإسلامية.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
بقلب المؤمن بالحق تعالى، القائل في محكم كتابه: “واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة واعلموا أن الله شديد العقاب”، وقوله جل جلاله: “والفتنة أشدُ من القتل”. هذه الفتنة التي وجدت لها أرضًا خصبة في عالمينا العربي والإسلامي. وسهل لها المغرضون الحاقدون على أمتنا كل أمر، حتى توهمت بأنه اشتد عودها، وقويت شوكتها، فأخذت تعيث في الأرض إرهابًا وفسادًا، وأوغلت في الباطل كاتمة ومتجاهلة لقول المقتدر الجبار: “بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق”.
إن من المعيب والعار أن هؤلاء الإرهابيين يفعلون ذلك باسم الدين فيقتلون النفس التي حرم الله قلتها، ويمثلون بها، ويتباهون بنشرها، كل ذلك باسم الدين، والدين منهم براء، فشوهوا صورة الإسلام بنقائه وصفائه وإنسانيته، وألصقوا به كل أنواع الصفات السيئة بأفعالهم، وطغيانهم، وإجرامهم، فأصبح كل من لا يعرف الإسلام على حقيقته يظن أن ما يصدر من هؤلاء الخونة يعبر عن رسالة نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم الذي قال عنه تعالى: “وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين”.
من مهبط الوحي ومهد الرسالة المحمدية أدعو قادة وعلماء الأمة الإسلامية لأداء واجبهم تجاه الحق جل جلاله، وأن يقفوا في وجه من يحاولون اختطاف الإسلام وتقديمه للعالم بأنه دين التطرف، والكراهية، والإرهاب، وأن يقولوا كلمة الحق، وألا يخشوا في الحق لومة لائم، فأمتنا تمر اليوم بمرحلة تاريخية حرجة، وسيكون التاريخ شاهدًا على من كانوا الأداة التي استغلها الأعداء لتفريق وتمزيق الأمة، وتشويه صورة الإسلام النقية.
وإلى جانب هذا كله، نرى دماء أشقائنا في فلسطين تسفك في مجازر جماعية، لم تستثن أحدًا، وجرائم حرب ضد الإنسانية دون وازع إنساني أو أخلاقي، حتى أصبح للإرهاب أشكال مختلفة، سواء كان من جماعات أو منظمات أو دول، وهي الأخطر بإمكانياتها ونواياها ومكائدها، كل ذلك يحدث تحت سمع وبصر المجتمع الدولي بكل مؤسساته ومنظماته بما في ذلك منظمات حقوق الإنسان، هذا المجتمع الذي لزم الصمت مراقبًا ما يحدث في المنطقة بأسرها، غير مكترث لما يجري، وكأنما ما يحدث أمر لا يعنيه، هذا الصمت الذي ليس له أي تبرير، غير مدركين بأن ذلك سيؤدي إلى خروج جيل لا يؤمن بغير العنف، رافضًا السلام، ومؤمنًا بصراع الحضارات لا بحوارها.
وأذكرُ من مكاني هذا بأننا قد دعونا منذ عشر سنوات في مؤتمر الرياض إلى إنشاء (المركز الدولي لمكافحة الإرهاب)، وقد حظي المقترح بتأييد العالم أجمع في حينه، وذلك بهدف التنسيق الأمثل بين الدول، لكننا أصبنا بخيبة أمل -بعد ذلك- بسبب عدم تفاعل المجتمع الدولي بشكل جدي مع هذه الفكرة، الأمر الذي أدى إلى عدم تفعيل المقترح بالشكل الذي كنا نعلق عليه آمالا كبيرة.
واليوم نقول لكل الذين تخاذلوا أو يتخاذلون عن أداء مسؤولياتهم التاريخية ضد الإرهاب من أجل مصالح وقتية أو مخططات مشبوهة، بأنهم سيكونون أول ضحاياه في الغد، وكأنهم بذلك لم يستفيدوا من تجربة الماضي القريب، والتي لم يسلم منها أحد.
اللهم إني قد بلغت، اللهم فاشهد، اللهم إني قد بلغت، اللهم فاشهد، “وسيعلمُ الذين ظلموا أي منقلبٍ ينقلبون”.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..