هذه القصيدة بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية
*عنوان القصيدة “المليحة الحسناء” *
الحَرْفُ رَفَّ ترنمًا ودَعَانِي
ومَضَى يُرَدّدُ في المَدَى أَلْحَانِي
وتَرَاقَصَتْ فَرَحًا على إِيقَاعِـــــهِ
وعَلَتْ لِشـَدْوِيَ غَادَةٌ تَهـْـــوَانِي
فَأَذَابَ قَلْبِيَ سِحْر ُطَيفِ جَمَالِهَا
وسَمَتْ بِحُسْــــنِ دَلَالِهَا الفَتَّانِ
في ثَغْـرِهَا نُورٌ وحُمْرَةُ خـَـدِّهَا
تَبْدُو لَدَيَّ كَحُـــمْرَةِ الرُّمـَّـــــانِ
إِنِّي وَقَعْتُ أَسِيرَ حُسـْـــنٍ كَامِلٍ
وبِهِ غَــدَوتُ كَعَاشِــــقٍ وَلْهَـانِ
وحَدِيثُهَا نَحْوِي يَفِيضُ حَــلَاوةً
ويَزِيـــدُ إِشْرَاقًا بِحُسْنِ مَعَانِي
مَنْ هِذِهِ الْحَسْنَاءُ مَنْ لِجَمَالِهَا؟
ومَن الْمُمَيَّزُ مِنْ قَدِيــمِ َزَمَانِ؟
حَسْنَاؤُنَا لُغَةُ الْكِتَابِ حُرُوفُـهَا
مُخْضـَــلَّةٌ بِالوَرْدِ والرَّيحَــــانِ
قَالَتْ وَقَدْ جَذَبَتْ رِدَائِيَ عُنْوةً
بَاحـَـتْ بِكُلِّ فَصـَـاحَةٍ وبَيــَــانِ
إِنِّي وَرَبِّ الْبَيتِ نَبْعُ فَضِيــــلَةٍ
واللهُ شَـــــــرَّفَنِي بِطِيبِ جَنَانِ
مَهْمَا تَبَاهَى الْمُبْدِعونَ بِفَنِّهِم
فَأَنَا الْجَـمَالُ عَلَى مَدَى الأَزْمَانِ
وأَنَا المَعَانِي والبَدِيعُ تَمَـــازَجَا
شَهْدًا تَحَــوَّلَ مِن رَحِيقِ لِسَانِي
وإِذَا شَدَا ذَاكَ الأدِيبُ فَلا تَسَلْ
عَنْ كُلِّ سِحْــــرٍ فَاتِنٍ ورِهَانِ
أَصْغَتْ لَهُ كُلُّ القُلُوبِ فَبَوحـُهُ
عَذْبٌ زُلَالٌ دَائِمَ الجـَــــرَيَانِ
مِنْ نَبْعِ ضَادِ الذِّكْرِ فَيضُ جَمَالِهِ
و بَيَانُهُ التَّشْـــنِيفُ لِلْآذَانِ
ذَاكَ الرَّعِيلُ المُحْتَفُونَ بِدِينِهِمْ
والْمُحْتَوَى يَبْدُو مِنَ العُنْوانِ
فَسَل المَحَافِلَ عَن جَلَيلِ نَتَاجِهِم
وغَزَارَةِ الْأَنَهَارِ والوُدْيَانِ
سَلْ سِيبَوَيهِ وسَلْ خَلِيلًا قَبــْــلَهُ
عَنْ كُـلِّ دُرِّ البَحْرِ والمُرْجَانِ
سَلْ سِيبَويهِ وسَلْ كِتابًا قَدْ غَدا
وِرْدًا لِكُلِّ النـَّــاسِ والبُلْدَانِ
وسَل المُبَرِّدَ عَنْ جِميعِ عَرَائِسِي
وسَل الكِسَائِي عَنْ عَظِيمِ بَيَانِ
سَلْ عَالِمًا قَدْ بَاحَ فِي تَأْلِيفِهِ
بِدَلَائِلِ الإِعْجَازِ والتِّبْيــَـــانِ
سَلْ كُلَّ ذَيَّاكَ الرَّعِيلَ بِعِلْمِهِمْ
بَحَثُوا عَن الدُّرِّ الذِي يَغْشَانِي
نَثَرُوا بَدِيعَ الحَرْفِ فِي صَفَحَاتِهِم
فَسـَـــمَوا بِكُـلِّ مَكَـانَةٍ ومَكَانِ
طُوبَى لِأَهلِ الفَضْلِ إِنَّ جُهُودَهُم
مَحْفُوظَـــةٌ بِالشُّــكْرِ والعِرْفَـانِ
قَدْ سَطّرَ التَّارِيخُ مِنْ أعْمَالِهِم
دُرَرًا بِحَجْمِ مَجَامِعِ الأَكْوانِ
أَسِفِي عَلَى هَذَا الزَّمَانِ وأَهْـــلِهِ
هَجَرَوا الفَصِيحَةَ ضَيَّعُوا أَرْكَانِي
إِنِّي ورَبِّ البَيتِ أَبْكِي حُرْقَـــةً
فَلَقَدْ هُـجِرتُ ولَمْ أَجِدْ أَعْوانِي
لُغةُ الخَطَابةِ والفَصَاحَةِ جُلُّها
فِيــــهَا المَزَالِقُ قَدْ بَدَتْ لِعَيَانِ
وكَذَا المُذِيعُ وفِي لِقَاءٍ قَدْ أَتَى
حَيًّا يُكَسـِّــــرُ فِي اللُّغَى أَوزَانِي
في صَفْحَةِ الإِعْلانَ شُوِّهَ مَظْهَرِي
إملاؤُهْ بالفعلِ قَدْ آذاني
وكَذَا صُرُوحُ العِلْمِ ضَاعَ بِجُلِّــهَا
قَــدْرِي لَدَيـهَا والجَمِيعُ جَفَانِي
والدَّارِسُونَ بِجُلِّهِمْ ضَعْفٌ بَدَا
فَأَتَوا بِكُلِّ نَطِيــحَةٍ وهَــــوَانِ
والخَطُّ قَدْ فَقَدَ الجَمَالَ وقَدْ بَدَا
(م) الإِمْلَاءُ أَيضًا شَاحِبًا ويُعَانِي
وكَذَاكَ فِي الِإعْرَابِ بَعْضُ تَقَهْقُرٍ
رَبَّاهُ .. مَا هَـــذَا بِظَرْفِ زَمَانِي !
إِنِّي لَأَحْزَنُ إِنْ تَحَدَّثَ جَاهِــلٌ
بِالشِّعْرِ شَوَّهَ صُورَتِي وهَجَانِي
يا حَسْرَةً لُغَةُ الخُلُودِ غَرِيبَــةٌ
في دَارِهَا تَشْكُو الأذَى وتُعَانِي
إِنِّي أَبَنْتُ فَإِنْ أَرَدْتــُـــمْ عَودَتِي
صُــونُوا جَمَالِيَ عَنْ دَعِيٍّ وَانِي
عُودُوا لِنَبْعِ النَّحْــوِ واعْتَزُّوا بِهِ
كُــونُوا الأُبَاةَ بِهَيبَةِ السُّلْطَـــانِ
وخُذُوا مِنَ الأَكْفَـــاءِ كُلَّ مُفَوَّهٍ
إِنِّي أَحِــنُّ لِمِصْقَعٍ رَنَّـــانِ
والقَوسَ أَعْطُوا مَنْ يُجِيدُ مَهَارَةً
وهَبُوا المُسِيءَ لِفَارِسِ الإِحْسَانِ
هَزَّ المَنَابِر واعْتَلَى بِجَدَارَةٍ
هَامَ البَلَاغَةِ فَارِسًا لِحَصَانِي
يا أَيُّهَا الزَّمَنُ الذي فِي أَهْلِهِ
حُـبُّ المظَاهِرِ صَارَ كُلَّ الشَّانِ
الأَصْلُ أَنَّ الضَّادَ بَحْرُ تَمَيُّزٍ
والغَوصُ نَحْوَ الدُّرِّ ذِي اللَّمَعَانِ
والجَهْدَ كُلَّ الجَهْدِ يا خُبَرَاءَنَا
صَوْبَ الأُصُـــولِ لِخِدْمَةِ الإِنْسَانِ
تَتَعَانَقُ الأَفْكَارُ إِنْ أَعْطَيتَهَا
وَهَجَ الجَمَالِ بِمِبْضَعِ الإِتْقَانِ
فَتَكُونَ غَايتُنَا النُّهوضَ بِأُمَّةٍ
لِلّهِ دَر ُّ المُخْلِصِ المُتَفَانِي
لا تَحْزَنِي لُغَتِي فَأَنْتِ عُيُونُنَا
واللهِ أنتِ هَدِيَّةُ الرَّحْــمنِ
لُغَةُ البَيَانِ حَمَلْتِ أَغْلَى جَوهَرٍ
حَرْفَ الخُلُودِ ومِشْعَلَ الإِيمَانِ
تَتَلَأْلَئِينَ وتَشْمَخِينَ بِعَزَّةٍ
هبَةُ الإِلَهِ بأَرْفَــعِ التِّيجَانِ
يَكْفيكِ يَا لُغَةً الجَمَالِ تَمَيُّزًا
تُتْلَى بِحَرْفِكِ سُورَةُ القُرآنِ
وحُفِظْتِ إِذْ حُفِظَ القُرَانُ وخُلِّدَا
قَلْبِي فَدَاكِ جَــوارِحِي وكَيَانِي
يا أنتِ! أنتِ ِمَلِيحَةٌ فَتَّانَةٌ
أنتِ الرُّواءُ لِبَاحِثٍ ظَــمْآنِ
سَيَظَلُّ مَجْدُكِ خَالِدًا ومُخَلَّدًا
مَا غَرَّدَتْ طَـيرٌ عَلَى الأَغْصَانِ
شعر
*أحمد بن موسى الحامضي
(
(
